27 - 09 - 2024

عجايب غراب أبيض | مع شادي وسلوى والعمال المحبوسين

عجايب غراب أبيض | مع شادي وسلوى والعمال المحبوسين

هل في بلادنا اليوم عامل محظوظ في ظل الغلاء، وضعف الأجور، وتجبر رجال الأعمال المعززين بانحياز رجال الدولة وأجهزتها؟

شادي محمد (42 سنة) عامل غير محظوظ بالطبع،  ولأسباب عديدة، يضاف إليها أن قوات الأمن اختطفته مرتين في أقل من عامين: مرة من عربة نقل العمال وهو متجه إلى مقر شركة "لينين نايل جروب" في 3 أكتوبر 2022 ، وقد جرى فصله تعسفيا بعد 15 عاما من العمل إثر إضراب جماعي للمطالبة بتحسين الأجور والوفاء بأرباح العاملين، والأخرى أمام بيته وهو عائد ليل 29 أبريل هذا العام 2024، حيث اتهموه مع خمسة شباب بتعليق لافته قماش عند كوبري محرم بك بالإسكندرية مكتوب عليها ثلاث جمل يراها كل صاحب ضمير ومصري صميم من نور، وهي:

ـ افتحوا معبر رفح .. ارفعوا الحصار عن غزة .. افرجوا عن معتقلي فلسطين.

ومن العجائب أن يجد شادي نفسه متهما أيضا بالتهم الثلاث التقليدية ضد أصحاب الآراء المستقلة أومن يشتبه بأنه منهم، وأن يضاف إليها تعليق لافتة بدون ترخيص، وكذا "تأسيس تنظيم إرهابي" في قضية ليس بها إلا اسمه هو، أي تنظيم من شخص واحد!

قبل أيام تابعت قلق زوجته السيدة سلوى راشد بعدما غاب عن جلسة نيابة أمن الدولة لنظر تجديد حبسه احتياطيا، وهي التي تجاهد الآن وحدها من أجل العيش واستمرار البيت مفتوحا بالتدريس للتلاميذ، وبعدما أبلغتها شركة "إلفي للمنسوجات" بانتهاء عقد زوجها المحبوس احتياطيا في 30 يوليو وعدم تجديده، مع وقف راتبه تماما. وفوق كل هذا، فإن على الزوجة أن تتكبد مشاق وأعباء السفر من الإسكندرية إلى سجن العاشر، وتدبر تكاليف الزيارة.

لا نملك إلا التضامن مع شادي و سلوى، وكل عامل وأسرة عمالية يغيب عائلها في المحابس. وأذكر بينهم اليوم: أحمد عبد الفتاح النقابي بشركة شرق الدلتا المعتقل في وقت سابق هذا العام بعد وقفة تناصر فلسطين، وسامح زكريا بالإسعاف المغيب منذ عامين، على الرغم من معاناته من أمراض مزمنه، والمعروف بأنه ليس له نشاط سياسي أو نقابي.

ولا ننسى اعتقال عاملات وعمال "وبريات سمنود" مؤخرا لفترة، وفصلهم من العمل وتشريدهم، يتقدمهم النقابي هشام البنا. وهذا لمجرد المطالبة باحترام قرار رئيس الدولة رفع الحد الأدنى للأجور وتنفيذه.

 ولا حرية ولا حقوق للعمال بدون إطلاق العمل النقابي بلا قيود وضمان استقلاليته، واحترام آلياته الدستورية بما في ذلك الإضراب، وإنهاء هذا التحالف غير الدستوري واللا قانوني واللا أخلاقي بين سلطة الدولة وأجهزة أمنها وبين أصحاب الأعمال ضد حقوق العمال.

وعجايب!
---------------------
بقلم: كارم يحيى 

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | مع شادي وسلوى والعمال المحبوسين